الناس في خسر
شكا الناس قبلنا الزمانا وما لقينا بعدهم أمانا
إنا في عصر قبيح باطنه وظاهره بالشرور مزدانا
صار العز وليد لؤم وذو الخلق يعيش مهانا
فذو الخلق فينا غريب تراه زورا دوما مدانا
صيد ثمين لكل مخاتل سقيم النفس يصليه هوانا
والمكر صار مظهر رشد و يلقى الطيب الأذى ألوانا
والظلم فينا فطنة ومهابة وذو الرأي للحق قد خانا
والناس ذئاب في تعاملهم وإن أظهرو االسلم عنوانا
غلاظ القلوب لا نبل فيهم لأطماعهم انساقوا عميانا
فكم صديقا قضى بك حاجة ثم ولىّ. وما أبدى امتنانا
كثر عرفتهم وصاحبتهم أما انزووا ولفهم النسيانا
والغل في جل النفوس طبع صعب دفاعه وساء رهانا
والناس في خسر لو تبصروا فكل رهين ما اتخذ سلطانا
آه ثم آه على رجال أقاموا المجد بنيانا
غيروا الكون بعدما أظلم كفرا وخسرانا
أناروه بعدما استنارت نفوسهم تقوى وعرفانا
بذلوا الجهد مذ عرفوا فكانوا للحق فرسانا
إخوان كانت تجمعهم طاعة الله والايمانا
قدموا النفس والنفيس له وكانوا لنبيهم أعوانا
صدقوا عهدا ونصرة فنالوا فضلا ورضوانا
هم كالنجوم شمسهم سيد الخلق العدنانا
فانتصروا بعدما ظلموا وأحدثوا بالدين كيانا
نشروا الفضيلة وعطروا برحمة ربهم الأكوانا
فما استكانوا وما وهنوا واتخذوا العلم برهانا
جند الله شد بهم دينه وأرخى العنانا
اختارهم الله رجالا نالوا السبق ونسوانا
ولهم في الخلود مقام رفيع عنده وجنانا