الشعر الإسلامي2
الشعر الإسلامي شعر إنساني، فهناك من يعتقد أنه خاص بالمسلمين أو بجماعة متعصبة تسعى إلى فرض تصوراتها على الآخرين، وهذا إن وجد فهو فهم خاطىء للدين وبالأحرى الشعر، فالإسلام ليس دين شعب أو عرق وإنما هو دين الله تعالى للناس كافة، والشاعر الإسلامي يحمل هم الإنسان في صدره، يتابع باهتمام ما يجري حوله سواء في مجتمعه أو خارجه، يؤلمه بعد الناس عن قيم الدين، واتباع الهوى، والسقوط في فخاخ الأنانية والمادية والبهيمية، فيصيح بكل قواه (احذروا المهالك، عودوا إلى إنسانيتكم، هاهو المنهج الذي يقيكم ويفتح لكم أبواب الأمن والخير والنجاة) فهو بكل إشفاق وحب ورحمة يمد يده ويفتح قلبه للآخرين عساه ينقذ البعض من الضياع، يتألم قلبه لآلام الناس ومعاناتهم، لكنه كالطبيب يقترح الدواء الناجع والشافي الذي يستمده من دينه،دين الرفق والفضيلة والفلاح، بكل تواضع، وبدون جفاء أو استعلاء، في إخراج فني جميل،معبر وموح وملتزم. هو ذا في نظري البسيط الشعر الإسلامي، يخاطب الناس بمنهج الأنبياء والرسل، إلا من تجرأ على الله ورسوله، فإنه لا يتردد في فضحه ومقاومته.
إذا كان الشاعر
الإسلامي إنسانيا بطبعه، فهو من باب أولى شديد الالتحام بأمته، فهي العائلة الكبرى
التي يعتز بالانتماء إليها،يعز بعزها ويسمو بسموها، من ثم فإن الشاعر الذي لا يهتم
بأحوال وقضايا أمته خليق به أن يدع الشعر لمن يكابده. والشاعر الإسلامي يمر كغيره
بحالات ضعف وانكسار، يتألم ويحن ويحب ويمقت يحزن ويحبط،يحتار ويضجر،إلا أنه لا
يتجاوز الحدود، لأنه في كل الأحوال واثق بربه،مرتاح لقضائه وحكمه،موقن برحمته، تراه
معتدلا في السراء والضراء، واقعيا في إحساساته وأحلامه، لا يحلق بعيدا في المثالية
ولا يبالغ في الأخيلة،لا يطلب ما يستحيل أو يتمنى ما لا يجوز،عندما تهدأ نفسه
ويصفو ذهنه،تستنير روحه فتراه ربانيا تملأ نفسه الأنوار القدسية، ويفيض قلبه شوقا
وعشقا،وتتجلى أمامه الرحمات والنفحات الإلهية.