مدينة الأنوار
تغنى الفؤاد باسم العدنان وطار شوقا لأطيب الأوطانبيت الحبيب المصطفى ومسجده مهبط الوحي روضة الجنان
به مثوى خير الأنام معطر بالتقى والدعا وشذى القرآن
سعدت طيبة يا خير موطن بالذي أهدى للوجود الأمان
من مغرب عشق الحبيب به ركن أصيل شامخ البنيان
حلقت نحوك زائرا معتمرا والقلب يسابق بالحنين الزمان
في شهر كرمه الله على كل الشهور بالخير رمضان
فلما حطت بالحجاز مركبتي خفق القلب بأعذب الألحان
بذكر الله استقام لساني وتفجر بالمحبة مني الوجدان
فنسيت الأهل والدنيا بأكملها وسرى في الروح همس فتان
كأني في حلم أعرج في عالم جليل رفيع الشان
دخلنا مدينة الأنوار ليلا وفي زهو دنت تفتح الأحضان
فلما أبصرت عن بعد مآذنه فاضت دموعي طليقة العنان
اقشعر جلدي، جمدت أطرافي كأني من شدة الحمى و سنان
ولولا وجود الزائرين حولي ما استطعت المشي باطمئنان
إلى مسجد عظمه الإله به صلى الحبيب وانصهر الإخوان
أصحاب رسول الله وأهله بيت الهدى والطهر والإحسان
بيت به آيات ا لوحي تنزلت على قلب الحبيب كالورد الريان
به الأحاديث والخطب التي أنشأت أمة التوحيد والعرفان
رايات النصر منه انطلقت لنشر الإسلام وصد العدوان
أي أرض وفضاء هذا الذي مشت فيه ركاب الحق بالفرقان
مولاي كيف احتمال حنين لأزهى عصر وأزهى مكان
مولاي كيف احتمال شوق للحبيب وصحبه سادة الأكوان
مولاي كيف لعيني أن ترى بيت النبوة مثوى حب الرحمن
فلو نطقت هذي البقاع بما رأت لأظلمت الدنيا بالبهتان
لما صليت بمدخله ركعتين تحية لبيت الطهر والضياء
أخذت أجيل الطرف في رحابه وهفا الفؤاد للروضة الفيحاء
فسرت أخطو بلا عجل في وجل إلى موضع قدسي البهاء
به محراب المصطفى ومنبره تسمو الروح فيه للعلياء
جلست به متدبرا خاشعا في عبرتي وتنهدي ودعائي
حتى شفا القلب طيب ريحه واستنارت روحي بأبهى سناء
فتوجهت وسط الزوار إلى مرقد المصطفى ذي القبة الخضراء
سلمت لما وقفت أمامه وفي حلقي غصص بالبكاء
وارتقت روحي سموا كأني أخترق الأجواء للجوزاء
رسول الله سيدي وأسوتي شفيعي نور قلبي ودوائي
طبت حيا وميتا يا خير من وطىء الثرى وإمام الأنبياء
يا من خصه الله بعصمة هزت قواعد الشرك في الأرجاء
وبالوحي آيات بينات أذهلت فطاحل البلغاء
بحكمة تحيي ميت القلوب وحسن البيان والخطب العصماء
صلى الله عليك يا سيد الورى وآل البيت الكرام الأتقياء
بجواره الصديق يا فخر من تنعم بالصحبة والرضا والثناء
سلام الله عليك يا من بالخلافة أرسيت أركان البناء
بجنبه الفاروق أعز الله به دينه موهنا بأس الأعداء
سلام الله عليك يا من توجت بالعدل عصر الخلفاء
فيا ويح أمة لو أخلصت للدين ما هوت بالأهواء
ولو على نهجه استقامت لدانت لها الدنيا بالولاء
فلومن الفقر تشكو لهانت ولكن هو الجهل أبو الأدواء