الاثنين، 1 ديسمبر 2014

مدينة لأنوار


مدينة الأنوار 

تغنى الفؤاد باسم العدنان                   وطار شوقا لأطيب الأوطان
بيت الحبيب المصطفى ومسجده          مهبط الوحي روضة الجنان
به مثوى خير الأنام معطر                     بالتقى والدعا وشذى القرآن
سعدت طيبة يا خير موطن                   بالذي أهدى للوجود الأمان
من مغرب عشق الحبيب به                 ركن أصيل شامخ البنيان
حلقت نحوك زائرا معتمرا                     والقلب يسابق بالحنين الزمان
في شهر كرمه الله على                     كل الشهور بالخير رمضان
فلما حطت بالحجاز مركبتي                 خفق القلب بأعذب الألحان
بذكر الله استقام لساني                     وتفجر بالمحبة مني الوجدان
فنسيت الأهل والدنيا بأكملها               وسرى في الروح همس فتان
كأني في حلم أعرج في                     عالم جليل رفيع الشان
دخلنا مدينة الأنوار ليلا                        وفي زهو دنت تفتح الأحضان
فلما أبصرت عن بعد مآذنه                    فاضت دموعي طليقة العنان
اقشعر جلدي، جمدت أطرافي              كأني من شدة الحمى و سنان
ولولا وجود الزائرين حولي                     ما استطعت المشي باطمئنان
إلى مسجد عظمه الإله به                  صلى الحبيب وانصهر الإخوان
أصحاب رسول الله وأهله                      بيت الهدى والطهر والإحسان
بيت به آيات ا لوحي تنزلت                   على قلب الحبيب كالورد الريان
به الأحاديث والخطب التي                   أنشأت أمة التوحيد والعرفان
رايات النصر منه انطلقت                      لنشر الإسلام وصد العدوان
أي أرض وفضاء هذا الذي                     مشت فيه ركاب الحق بالفرقان
مولاي كيف احتمال حنين                    لأزهى عصر وأزهى مكان
مولاي كيف احتمال شوق                    للحبيب وصحبه سادة الأكوان
مولاي كيف لعيني أن ترى                   بيت النبوة مثوى حب الرحمن
فلو نطقت هذي البقاع بما                   رأت لأظلمت الدنيا بالبهتان

لما صليت بمدخله ركعتين                   تحية لبيت الطهر والضياء
أخذت أجيل الطرف في رحابه               وهفا الفؤاد للروضة الفيحاء
فسرت أخطو بلا عجل في وجل            إلى موضع قدسي البهاء
به محراب المصطفى ومنبره                 تسمو الروح فيه للعلياء
جلست به متدبرا خاشعا                     في عبرتي وتنهدي ودعائي
حتى شفا القلب طيب ريحه                واستنارت روحي بأبهى سناء
فتوجهت وسط الزوار إلى                    مرقد المصطفى ذي القبة الخضراء
سلمت لما وقفت أمامه                      وفي حلقي غصص بالبكاء
وارتقت روحي سموا كأني                   أخترق الأجواء للجوزاء
رسول الله سيدي وأسوتي                  شفيعي نور قلبي ودوائي
طبت حيا وميتا يا خير من                    وطىء الثرى وإمام الأنبياء
يا من خصه الله بعصمة                       هزت قواعد الشرك في الأرجاء
وبالوحي آيات بينات                            أذهلت فطاحل البلغاء
بحكمة تحيي ميت القلوب                   وحسن البيان والخطب العصماء

صلى الله عليك يا سيد الورى               وآل البيت الكرام الأتقياء
بجواره الصديق يا فخر من                    تنعم بالصحبة والرضا والثناء
سلام الله عليك يا من                        بالخلافة أرسيت أركان البناء
بجنبه الفاروق أعز الله به                     دينه موهنا بأس الأعداء
سلام الله عليك يا من                        توجت بالعدل عصر الخلفاء
فيا ويح أمة لو أخلصت                        للدين ما هوت بالأهواء
ولو على نهجه استقامت                    لدانت لها الدنيا بالولاء
فلومن الفقر تشكو لهانت                    ولكن هو الجهل أبو الأدواء

الجمعة، 18 يوليو 2014

الخنجر الغادر

الخنجر الغادر

 

كنت عبر العصور
درة سماوية
تنعمين بمنحة الاصطفاء
نظرتك سقيمة بالأحزان
تغالبين البكاء والحسرات
في صمتك الخاشع
المشبع بالتسبيح
يا أمنا السخية بالبشارات
عجزنا عن سل  الخنجر الغادر
عربد فيك الخنازير
صبوا نيران الضغينة
عدوانا وتهويدا
وبين السيف والوردة
سقطنا
نداوي الجرح بالجرح
نسابق السراب
في منحدر الهزيمة
فيك رجال صدقوا ونساء
أضاءوا المحجة
طيبوا الأقصى دماء، مسكا
تشتعل أرواحهم في الأسر قناديل
وبسمة الشيخ فيك إباء
تكبر وتكبر
تعبرنا نحن الخوالف
تصرع الزيف في أرجائنا
رجلاك أجنحة للصعود
وأقدامنا تشدها
مخالب الصحراء
      *  *  * 
سيف ذو الفقار
يبحث عن قبضة علي
وحصون خيبر كالفطر
في الرحاب
وغزة تنزف في اصطبار
مات السلام
سيل المهازل انتهى
فوحدوا القرار
يا أقصانا
ما عذرنا وأنت تستصرخنا
بعد اليوم إلا الوهن
إذا ضاع الأقصى
ماذا نملك بعده؟
كيف نصبح بعده؟
يا ويلنا
غثاء.. غثاء
      *  *  *   
إني لأسمع جلبة
صهيلا
صوت الدرة
يعد الفوارس
كر يا شعب وأنت حر
الأقصى في عيوننا
الأقصى في قلوبنا
الأقصى في أرواحنا
ويصعد الهتاف:
ربح البيع
ربح البيع.

الأربعاء، 16 يوليو 2014

وا إسلاماه

وا إسلاماه



 

ها قد أظلهم زمانه
بحيرا يلتقط الإشارة
وتأتي خديجة البشاره
فتنشأ الإماره
على هدي الكتاب تخطو
والحبيب مناره
     *   *   *
تنموا النبتة شجره
تعطي غلالا
تفيض عطاء راشديا
تضيء رايات الفتح
الفضاءات
والفتنة تستعر دما حاميا
     *   *   *
ويبقى وهجك في الصدور
يهزم العوارض
يعبر العصور
في الشرق والغرب
للإسلام شموخ
العلم قطوفه دانيه
والشعر ألوانه زاهيه
حضارة ترتقي
ورب شكور
     *   *   * 
ودارت الدائره
فانفرط العقد الثمين
بسقوط بغداد السامقه
وبالأستانة تطلع أعلامك
       الخافقه
عظيمة رائده
حتى إذاهد الهزال
جسمك الصلب
بقيت بالخلافة صامده
وباغتيالها
صرت للمطامع خانعه
وللغرب بعدئذ
       تابعه
     *   *   *
وبقيت يا أمتي كالخراف
في ليلة ظلماء
بغابة الضباع
وصرت في الكون سقيمه
لا تعلمين مصدر الداء
ولا وصفة الدواء
نعتوا دينك بالوباء
وأقاموا الجهل فيك
والعداء
وخيراتك تساق جهرا
للأعداء
وأنت يا أمتي سائرة للوراء
وتحلمين غدا بالنماء
     *   *   *
وكانت جمرته لا تزال
       مشتعله
بالنفوس الحائرة
       مرتقبه
فلما اشتدت المراره
وأطلقت الشراره
أبرقت الغمامه
وأينعت فينا الكرامه
وعاد للأمة القرار
صار الحبيب لنا إماما
والكتاب المرتضى علامه
حيينا بعد موت
صحنا بعد صمت:
وا إسلاماه
بدونك نحن غثاء
حياتنا ظلمات وشقاء
يافجرنا الآتي
كم طال فيك الرجاء
حتى شاخ الأمل فينا
وغار الدعاء
     *  *  *
مولانا
ها رحمتك كالقطر
تسقي العروق الذابله
تحيي الجذور الباليه
ويعود اليقين
قويا كشعاع الشمس
باسما كانفتاح الورد
الحكم لك
الأمر لك

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

حول تجربتي في الشعر

حول تجربتي في الشعر الإسلامي 

 

لم أكن في بداية كتابتي الشعرية،أعني في الديوان الأول{ في انتظار الوصول }أكتب شعرا إسلاميا بالمعنى الحرفي للكلمة. بل مجموعة من الخواطر والإحساسات الدافقة، وإن لم تخل من الشعور الديني الذي يِؤطرها، في الديوان الثاني { صرت بالله عارفا } وجدتني أنخرط دون نية مسبقة في كتابة قصائد إسلامية التوجه والمرجعية، وجدت نفسي أغرف من نبع الإسلام الثر الفياض مستلهما المعاني والقيم الإسلامية والتاريخ والحضارة الإسلامية. لا أعتبر الشعر كلاما في الفراغ،بل رِؤيا متكاملة
للحياة والوجود والإنسان من منطلق أو تصور عقائدي، بحيث لا أستطيع كتابة ما يتعارض أو لا ينسجم مع معتقداتي الدينية التي بها أحيا وأحس وأفكر.
لئن بدأت الإرهاصات في الديوان الأول فإن الاتجاه الإسلامي في شعري بدا متجليا بوضوح في الديوان الثاني، غير أن الديوانين الأخيرين { قطوف من بستان العشق  و  مدينة الأنوار}  يعدان انخراطا واعيا وملتزما بمنهج ومبادئ وقيم الإسلام ، وتعبير صريح عن كون الروح الإنسانية لن تجد السلام والأمن إلا في ظل هذا الدين الوسطي العادل الرحيم. إن النفس لتجد في فضاء هذا الدين الشاسع من الحرية والإحساس الإنساني والخير والجمال والحب، ما يجعل أفقها أرحب وهدفها أجل وسماتها أكمل، إن الكمال الإنساني هو مطلبها. ألاتصال بالله وجهتها في كل حال. إنه يلهمها، ينيرها، يمدها بالنفحات والإشراقات.
 ترى هل وفقت فنيا في التعبير عن وجهة نظري في قصائدي؟
هذا ما لا أستطيع الإجابة عنه، وأترك التقييم للقارىء الكريم.



الجمعة، 11 يوليو 2014

ألا فاعتبروا

 ألا فاعتبروا

 

أعلم أنك أنت البديل
بعد هذا الهبوط السقيم
أعلم أن جلاء الظلام
بدونك وهم عقيم
أعلم أن وهجك في الصدور
سيفيض على لهفة البواطن خيره العميم
أعلم أن مجد الرأسمال
فتنة العقل وغربة الإنسان
حتما إلى زوال
فأنت أنت الجواب
أنت أنت المثال
مركب العبور إلى الأمان
إلى النعيم
أعلم أن الدورة أوشكت على الانتهاء
وأنا سنبدأ من جديد
في عالم الطهر والسنا الجميل
سيأتي الصباح
سنغرف من النبع ونرتوي
بعد اللظى في الهجير
والليل البهيم
سنجتمع حول آدم ونوح وإبراهيم
تمتزج أرواحنا بموسى وعيسى وإمام المرسلين
سنرفع هاماتنا ونهتف
هلموا للنقاء..هلموا للرضا
هلموا لليقين
فليمت إله نيتشه
لتندحر أسطورة دارون
ألا فاعتبروا
فما يفيدني أن أكون الأقوى والأشرف والأغنى
وأنا أجهل من أكون
أجهل ما أصير
أجهل الغاية والطريق
وإن عرفت أني من دون الروح طين حقير
وإني عابر هنا .صائر للبلا بعد حين
أساءل لم يمقتونك
وأنت سموح حليم
لم يبعدونك
وأنت كريم رحيم
أساءل لم يكرهون العيش طيبين
لم ينساقون للاثم مذعنين؟
أما كفتهم مهالك السابقين
أما خبرتهم مواجع البائسين
أما نبهتهم مصارع الظالمين
وحوادث الدهر التي لا تلين
ناطقة فينا بالحق المبين
إنما تجنون ما تزرعون
فهل كسبنا مذ أبعدناه السلام
هل كسبنا مذ هجرناه بعض الكمال
أما صرنا بعده تافهين .ضائعين ؟
ألا فاعتبروا
ألا فاعتبروا

 

 

الأحد، 22 يونيو 2014

حسبي من الدنيا

حسبي من الدنيا

 

يا رب طرقت بابك راجيا                      غفرانك وقد تماديت لاهيا 
واطلب ما العمر يقصر دونه                 وما بالنوال يزول ما بيا
فالنفس تهوى والرغائب جمة             والمسالك تردى وتعز الامانيا
حسبى من الدنيا أن عرفتها              وخبرت أهلها ودقت الدواهيا
وهل بعد خمسين حولا ارتضي          أن أحيا في غفلة وأنانيه
كلا ورحمة الله أوسع من                  دروب الضلال حولي واماميا
فاستكفيت بما يكفي من أمان           وعيش كفاف أراه دانيا
ما يكبر المرء إلا بطموحه                   والفوز بالاخرى اعز أماليه
تهون الدنيا ويخبو ضياؤها                  ومتاعها حقير في فؤاديا
كتاب الله يمنحني الصفا                   ويلهمني الرشاد وفيه شفائيا
أرى وجه الحياة باسما كلما              ذكرت فضل الله يرتاح باليا
بيتا يأويني وسلامة تحوطني            وأسرة ترعاني وقوتا كافيا
وما زاد فمن الله خير                        لا يزهد فيه إلا المرائيا
فاقنعي يا نفس ولا تطلبي               ما فاتك واحمدي الباريا
  والقلب قد أرهقته الهموم والأوهام أضحى برحمته خاليا
إلا من ذكر الله والبلى                       والتدبر في خلقه وأحواليا
تحليه أخلاق حسان كريمة                بها أسعى بين الخلائق راضيا     
فذاك الرباط يا نفس فجدي                وحسن الختام غايتي ومراديا
وهل يكفي المرء أن يكسو جسمه     وابنه من حوله يمشي عاريا
بني وطني كيف أرتاح وبينكم            زهور قبل التفتح ذاويه
كفراخ أجبروا أن يطيروا                     والزغب بالجناح كالشوك ناتيا
أحلامنا في عيون أطفالنا                  والغد تصنعه أجيالنا الآتيه
وطني الحبيب بالعلم ترتقي             سنة الله في الكون جاريه
أطفالنا ثروة تحيي المنى                 وتبني المجد قصورا زاهيه
إن بالعلم والفضيلة هذبوا                 نجني العلا عسلا صافيه

عرفــت قدري

عرفــت قدري

مذ عرفتك عرفت قدري                      وأدركت أني ما كنت أدري 
ما نفس في الصدر يسري                  إلا بأمرك رباه ما بأمري
ما ثانية تمر مهملة                            في حياتي إلا بسجل عمري
محسوبة هي أنفاسي ونبضي           ومحدود سعيي وغاية فكري
أقول ما لي وهل لي مال                   يصير بعد موتي لغيري
فما جمعته بالكد أتركه                      وأمضي مبعدا عنه لقبري
هي الحياة يوما ما أبهجت                 فؤادا، إلا لتضنيه بضر
فحلوها إن تدبرت قليل                      في معظمه ممزوج بمر

كم كنت بعيدا في غفلتي                ضائعا في متاهات سكري
أطلب الراحة في دار                        هي دار ابتلاء و قهر
صيرتني عبدا ذليلا                          وللرجيم حبل بنحري
يسوقني لنيل غايات                        أدناها لوثة العهر
أنساق بلا وعي كأني                     طائر يدنو من البر
ينقره مغتبطا وما درى                      أنه فخ أعد للغدر
كم لبيب هوى بالهوى                     حتى صار أضحوكة الدهر
هوى النفس هالك فطوبى                لمن دافعه بخالص الطهر
هي الدنيا فحاذر خزيها                    واسلك سبيل الحق و الخير
فما دونه ظلمات أتلفت                    من قبلك في دروب نكر
فلو تكلموا عنها لقالوا                       هي أكذوبة بالمنى تغري
كلما لاح بها طيف يسر                    كحلم أعقبه طارق عسير

ولا تكن في الناس إلا وسطا             وادفع بأسهم بباسم الثغر
وإن لم تجد ما يرضيك فيهم              فامسك زمام الشدة بالصبر
هم الناس أشكال منوعة                  فالحلو حلو والدناءة في الشر
وللصدق في كل عصر أهله              وللرشد والشهامة والبر
وإن ساءك ضر من كاشح                 فعفوت ذاق مرارة الخسر
وكن سباقا للفضل تبذله                 ما استطعت لا طالب ثار
تلك صفات من صفت سريرته           فعلى وجهه محاسن البشر

هو الله

هــو الله




   

الليل في دجاه                            الفجر في ضياه
  البدر في سناه                         النجم في سماه
  النبت في رباه                          الطير في علاه      
  الكل في حماه                         يسبــح الإلــــه                  
                     رب مــا أعظمــك                      
   السيل  في الجبال                   الوحش في التلال                 
   القطر في السحاب                   الحوت في العباب     
   الثلج في الذرى                       النمل في الثرى   
   الكل في حماه                         يسبــح الإلـــه      
                    رب مــا أعظمــك                      
وكم من الملائك                         في أعلى الجنان      
وكم في الخلائق                        من إنس و جان  
حتى الصخر و القذى                   حتى الزهر و النـدى  
حتى النسمة في المدى            حتى الذرة في الفضا
الكل في حمــاه                         يسبح الإله
                   رب مــا أعظمــك     
 مــن بث النجــم فـي السمـــا
                   وأرسى الجبـال          
 مـن شـق البـذر فــي الـثــرى
                   ومــد الظـــلال             
من فلق الفجر في الدجى
                   وأجرى البحــار               

من فجـر فـي الشمـس الضـــيا
                  وشـكــل المحــار
هو الله
    في كل شيء تراه                واحد في علاه 
    ماله أوله                             ولا منتهـــاه     
   يحيي و يميت                      يبدي و يعيـــد
  علام بالعبـــيد                       فعــال لمـا يريد
  من استهداه هداه                 من استغنى به كفاه  
فـــاز من اتقـــاه                      وخـاب من عصــاه 
هــو الله
أشرقت أنواره في ظلمتي
                  فعرفت طريق أوبتي
في الحجب عند غربتي
                  أنسي بغيره شقوتي
يا نفس تهت فارجع
                  واغتسلي بحر الأدمع
الورد صاف فاستق
                 دونك الباب فاسبــق
منى القلب في اللقا
                 فاسلكي جسر التقــى
وارتقي سلم الكدح
                 لـتذوقي نشوة الفتـــح
وتدركي ذروة الحب
                 فتسعدي بحلاوة القرب
الكل في حمـــاه                    يسبح الإلــــه
                رب مــا أعظمـــك

تدبر أخي

تدبر أخي



"إن الخالق الحكيم العليم سبحانه قد خلق هذا الكون بمثابة شجرة، وجعل أرباب الشعور ثمارها الكاملة. وكرم الإنسان باعتباره أجمع ثمرة لأرباب المشاعر. وجعل الشكر والعبادة أفضل ما تثمره حياة الإنسان، بل هما نتيجة خلقه وغاية فطرته وثمرة حياته "
اللمعات ص: 288
بديع الزمان النورسي


        تدبر أخي

مولاي على الكون ختم ألوهيتك
نظمت كثرته في خيط حكمتك
شاهد لذوي الأبصار عن وحدتك
ناطق بالتسبيح  لعظيم قدرتك
مولاي، هذا الإنسان ثمرة شجرتك
كرمته عن الخلق بأسرار صنعتك
سخرت ما في الكون له بمنتك
حملته الأمانة العظمى برحمتك
وبالتنزيل أتممت شامل نعمتك
                بسركن تجلت الأكوان
               بمقدار محكم و ميزانْ
               يديرها بأمره الرحمان 
               لغاية قدرت في الأزلْ
عبودية، علم و إيمانْ
إعمار عدل و إحسان
     لكل سعي فيها أجل ْ

مولاي عن الغيب أمطت الغطاءْ
ما خلقنا عبثا للفناءْ
وإنا في دار عبور للخلودْ
سنؤتى الكتاب و نلقى الجزاءْ

وكم في الحياة ذقت النعيم
ونلت فيها من شظايا الجحيم
تموت وتبعث في كل يوم
وتأتيك العظات في كل حين
فهل بعدها تستطيب الذنوب
وأنت تعلم علم اليقينْ

تدبراخي  فأنت الفقير
أنت حر به لنفسك عبد حقير
تلقى عليك صفات الكمال
وأنت به و إليه تسير

فيا وحشة القلب البعيد
أفي غفلة أنت أم ظن   عنيد
تلهث في بيداء تضن بماء
عكر لا يروي الظمآن زهيد

وكم خضت في فلسفات
تسائلها في الغيب يقينا
فعدت مقهورا بلا طائل
كمن يطالب بالفهم جنينا

فيمم وجهك صوب رقراق
زلال ورده طهور
تشفى النفوس به و ترتوي
للروح روح و حبور
نعم السبيل إن هديت إليه
لك في الدارين رحمة ونور

تمسك بحبل وحي نزل 

على قلب خاتم المرسلين
له في كل عصر وهج
سلام و أمن للعالمين
فواحسرتاه على أمة
تبيع تبرا بطين

كقابض على الجمر في زمن الفتن
غريب يكتوي صدره بالمحنْ
يرى الحق باهتا بلا نصير
وقد صار للباطل علم و فن
الناس على الدنيا في عراك
والكل مستاء بها ممتهن
كالنجم لا يبدو ساطعا إلا في الظلام
فطوبى للغريب ونعم المقامْ

الخميس، 22 مايو 2014

الشعر الإسلامي 2

الشعر الإسلامي2




الشعر الإسلامي شعر إنساني، فهناك من يعتقد أنه خاص بالمسلمين أو بجماعة متعصبة تسعى إلى فرض تصوراتها على الآخرين، وهذا إن وجد فهو فهم خاطىء للدين وبالأحرى الشعر، فالإسلام ليس دين شعب أو عرق وإنما هو دين الله تعالى للناس كافة، والشاعر الإسلامي يحمل هم الإنسان في صدره، يتابع باهتمام ما يجري حوله سواء في مجتمعه أو خارجه، يؤلمه بعد الناس عن قيم الدين، واتباع   الهوى، والسقوط في فخاخ الأنانية والمادية والبهيمية، فيصيح بكل قواه (احذروا المهالك، عودوا إلى إنسانيتكم، هاهو المنهج الذي يقيكم ويفتح لكم أبواب الأمن والخير والنجاة) فهو بكل إشفاق وحب ورحمة يمد يده ويفتح قلبه للآخرين عساه ينقذ البعض من الضياع، يتألم قلبه لآلام الناس ومعاناتهم، لكنه كالطبيب يقترح الدواء الناجع والشافي الذي يستمده من دينه،دين الرفق والفضيلة والفلاح، بكل تواضع، وبدون جفاء أو استعلاء، في إخراج فني جميل،معبر وموح وملتزم. هو ذا في نظري البسيط الشعر الإسلامي، يخاطب الناس بمنهج الأنبياء والرسل، إلا من تجرأ على الله ورسوله، فإنه لا يتردد في فضحه ومقاومته.

 إذا كان الشاعر الإسلامي إنسانيا بطبعه، فهو من باب أولى شديد الالتحام بأمته، فهي العائلة الكبرى التي يعتز بالانتماء إليها،يعز بعزها ويسمو بسموها، من ثم فإن الشاعر الذي لا يهتم بأحوال وقضايا أمته خليق به أن يدع الشعر لمن يكابده. والشاعر الإسلامي يمر كغيره بحالات ضعف وانكسار، يتألم ويحن ويحب ويمقت يحزن ويحبط،يحتار ويضجر،إلا أنه لا يتجاوز الحدود، لأنه في كل الأحوال واثق بربه،مرتاح لقضائه وحكمه،موقن برحمته، تراه معتدلا في السراء والضراء، واقعيا في إحساساته وأحلامه، لا يحلق بعيدا في المثالية ولا يبالغ في الأخيلة،لا يطلب ما يستحيل أو يتمنى ما لا يجوز،عندما تهدأ نفسه ويصفو ذهنه،تستنير روحه فتراه ربانيا تملأ نفسه الأنوار القدسية، ويفيض قلبه شوقا وعشقا،وتتجلى أمامه الرحمات والنفحات الإلهية.

السبت، 17 مايو 2014

الشعر الإسلامي

الشعر الإسلامي


ظهر الشعر الإسلامي مع ظهور الدعوة الإسلامية، واشتهر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من شعراء الدعوة حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة  وكعب بن مالك، واكب الشعر الإسلامي الفتوحات، وظهر الشعر السياسي بعد الفتنة الكبرى وظهور الدولة الأموية، واستمر الشعر الإسلامي عبر العصور خاصة المديح النبوي والزهديات، والشعر الصوفي ووصف المعالم الإسلامية وغيرها،ويمكن القول أن الشعر الإسلامي يشمل كل شعر نابع من التصور الإسلامي، ووفق الرؤيا الإسلامية للحياة والإنسان والوجود، وكان هدفه نشر قيم الدين الإسلامي، فهو بهذا المعنى شعر ملتزم يطرح إشكالات وتحديات الواقع من خلال تصور واضح، يهدف إلى بناء الإنسان وفق منهج رباني متكامل ومنسجم، فهو بهذا الاعتبار يتموقع كبديل لما تزخر به الساحة الشعرية العربية من ضبابية الرؤيا من جهة، والتغريب والاستلاب من جهة أخرى، ليس الأمر سهلا على الإطلاق، فالخصوم لن يقبلوا التنازل عن عروشهم وفتح المجال لشعر يهدد الأسس النظرية التي يقوم عليها الشعر الحديث، والشعر الإسلامي نفسه عليه  أن يتميز حتى يفرض نفسه في الساحة الشعرية، وأن يتجنب السقوط في السطحية والضحالة والوعظ والمباشرة، بتعبير آخر، فالشاعر مطالب بمراعاة خصوصية الشعر، وأن يصوغ قصيدته في قالب فني جذاب، كما يحول الرسام بإلهامه شكلا جامدا مألوفا إلى منظر جميل حي مؤثر.

هذه بإيجاز خلاصة فهمي المتواضع للشعر الإسلامي، وأرجو من كل مهتم أن يساهم في إغناء هذه الإطلالة بما يراه مناسبا للنهوض بالشعر العربي،وجعله شعرا متميزا وفاعلا في حلبة الصراع الحضاري والثقافي،راجيا من العلي القدير أن يمدنا بعونه حتى نساهم في خدمة هذا الدين العظيم، دين الخير والعدل والحق  والجمال،وكفى بالله وكيلا.
يعيش المؤمن في جهاد دائم بأقواله وأفعاله،قال تعالى( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) فالدعوة إلى الله،ونشر دينه،والاعتزاز بالانتماء إلى الإسلام من أهم واجبا ت المسلم،خاصة في الظروف الراهنة التي  تعرف هجمات ممنهجة ضد الإسلام والمسلمين،وشيوع الانحلال والهبوط الأخلاقي،وانتشار الفكر المادي، وازدراء القيم والأديان، ولاشك أن للفن عامة والشعر خاصة دورا أساسيا مواجهة هذه الحملات، والتصدي لها، مع  إظهار الحقيقة كالضوء الساطع عن الإسلام وتعاليمه الوسطية الصالحة لكل عصر ومكان، قد يقول قائل إن هذا الأمر يخص الدعاة والعلماء والمفكرين، وأن للشعر عالمه الخاص ولا ينبغي أن يتحول إلى منبر للدعوة والتوجيه الديني، نعم لا ينبغي أن يتحول الشعر إلى تعاليم وإرشادات دينية وأخلاقية مباشرة، لا تراعي المقومات والخصائص الفنية والجمالية للشعر، كما لا ينبغي أن يتحرر الشاعر من معتقداته وقيمه الدينية ليقول الشعر، وإلا فأين الصدق والمصداقية في شعره؟ وهل معنى هذا أن على الشاعر ألا يكون متدينا؟ إنه لا عجب إذن أن نجد في شعرنا الحديث كثيرا من الرموز والأساطير اللادينية، بل نجد تطاولا على الذات الإلاهية، وكأنها من مسلما ت الشعر الحديث،ومن مظاهر التحرر والتقدمية والثورية فيه،إن الشاعر المسلم الذي يخفي عقيدته خوفا من أن يوصف بالرجعية أو الأصولية حتى لا أقول غيرها من الأوصاف،يسيء لشعره ودينه بقدر ما يسيء لنفسه.


الجمعة، 16 مايو 2014

رأيي في الشعر 2


رأيي في الشعر 2



قال الإنسان الشعر بالفطرة، يتغنى فيطرب ويمتع ويفيد، بقي كذلك عبر العصور،الجمال والمتعة الفنية مقياس لنجاح الشاعر أو فشله، لدرجة أن العصر الجاهلي عرف تصنيفا للشعر والشعراء ،تجسد في اعتبار المعلقات السبع أو العشر،أرقى ما وصل إليه الشعر في ذلك العصر،وكان العربي يميز بفطرته ويختار قبل أن تظهر الأبحاث والنا هج النقدية، طرحت في العصور الموالية أسئلة كثيرة حول طبيعة الشعر وخصائصه الفنية والجمالية، طرحت قضايا الشكل والمعنى، والطبع والصنعة، والقديم والجديد، وتوجت المرحلة بظهور محاولات نقدية للامدي والجاحظ والجرجاني وغيرهم،كما تعددت الاتجاهات الشعرية في العصر العباسي،لكن الشعر بقي في مجمله أقرب لأفهام الناس وحياتهم يرصد ما يزخر به ا لواقع من قيم اجتماعية، وتطلعات إنسانية، وأحاسيس وجدانية، بلغة وصور وإيقاعات تشهد لهم بالنبو غ والبراعة، وإن ظل محافظا على طابعه الغنائي الصرف. إلا أن التحولات العميقة التي عرفها العالم العربي في العصر الحديث، فرضت على الشاعر العربي أن يواكب تطورات العصر ويرتدي زيه، فظهرت اتجاهات شعرية جديدة،وكان للغرب أثره البارز خاصة في مصر والعراق ولبنان، وشعراء المهجر، ولم يقتصر الأمر على المضمون بل امتد للشكل في منتصف القرن الماضي خاصة مع ظهور شعر التفعيلة أو ما عرف بالشعر الحر، واستمر التجديد حتى ظهر ما يعرف بالشعر المنثور أو قصيدة النثر، انفتح الشعر إلى أبعد الحدود على الحداثة الغربية، وكلما زاد انفتاحه أكثر كلما ابتعد عن خصوصيته و هويته، وطالب شعراؤه بالمزيد من التجاوز والتحطيم،تارة باسم الحرية والحداثة، وتارة باسم الانفتاح والتجريب،لكل ما هو أصيل في الشعر العربي .

ليس من هدفي ولا باستطاعتي تقييم الشعر العربي الحديث ،فهذا من اختصاص الباحثين والنقاد، إنما الهدف طرح تساؤلات حول هذا الشعر،ما مدى قدرته على فتح قناة للتواصل المثمر مع القارىء، بدلا من التعالي عنه،والتحليق بعيدا عن انشغالاته؟ هل وفق في طرح التساؤلات الحقيقية التي تهم الإنسان عموما والعربي خصوصا في عصرنا الحديث؟ هل حقق الشعر نهوضا وتميزا كفاعل أساسي في الحقلين الثقافي والحضاري للأمة العربية والإسلامية؟  
  

الخميس، 15 مايو 2014

رأيي في الشعر

رأيي في الشعر

لتذوق الشعر لابد من توفر قدر من الإحساس بالجمال الفني، وهو لا يتأتى إلا بمصاحبته لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر. أحبذ الشعر البسيط القريب من الأفهام، لا يجنح للتغريب أو السريالية والعبث، شعر يخاطب الإنسان كإنسان بقلبه ووجدانه وعقله وخياله وروحه، ليعيد إليه إنسانيته ويفتح له باب السعادة الحقيقية التي لا ترتبط بالمادة والإستهلاك بل بالقيم النبيلة التي تكرم إنسانيته، ليعيش حرا كريما متبصرا نافعا، قويا بإيمانه ووطنيته وانفتاحه وإرادته. هذا يعني أن للشعر رسالة، وليس مجرد كلام ممتع جميل، له غاية وهدف، يعكس تجربة ورؤيا تجاه الواقع والإنسان، يفتح نافدة على الحياة بآمالها وآلامها، بخيرها وشرها، مدها وجزرها. إنه ليس بالانفصال عن الواقع، والتيه في خيالات وأوهام، كما قال الحق سبحانه: (والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم ترأنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون) إن الآية الكريمة تذم انفصال الشعر عن الواقع،وتدعو إلى أن يواكب الحياة بقوله تعالى (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا ...) الشعر فن له مقوماته وأساليبه الفنية والجمالية في رصد تحولات الحياة والمجتمع، إلا أنه يتفق مع كافة الفنون التعبيرية في الغاية والمقصد.

تنوعت المدارس الشعرية لغة وبناء وأساليب، وتباينت الرؤى والمفاهيم لدرجة يصعب معها تحديد مفهوم للشعر يتفق عليه الجميع، إلا أن الملا حظ للأسف أن قراءة الشعر تتراجع رغم غزارة الإنتاج وتنوعه ،والتواصل بين الشاعر والقارىء يتضاءل مما يطرح العديد من الأسئلة وأحيانا لوم طرف للآخر، فالشاعر يتهم القارىء بالتقصير وعدم استيعاب خصائص الشعر، والقارىء يتهم الشاعر بالجنوح إلى الإغراب والإبهام .  

هي فعلا أزمة. فهل هي أزمة الشعر؟ أم أزمة الشاعر؟ أم أزمة القارىء؟

هذه إخواني هي الإشكالية التي أود طرحها للنقاش،وأبحث لها عن جوا ب،حتى تعود العلاقة بين الشاعر والشعر والقارىء علاقة حب وتعايش ،وألفة وتفاهم.